ملمع الأحذية - قصة قصيرة من مشهد واحد
فى ليلة جمعة و اثناء مبارة لكرة القدم بين غريمين فى الدوري , والصمت يلف وسط العاصمة, كنت فى زيارة لحي القديم , امشى واستدعى ذكريات الماضي .
و إذا به يظهر فجأة فى المشهد, بجسده النحيل والفارع و الأخيرة أظهرت مدى نحافته, و ما يقارب من أكثر من نصف حجمه, ملابس ثقيلة, عبارة عن طبقات من القطن و الصوف , نظرة واحدة خلعت قلبي حزنا على ذلك الكهل , " لم اذكرها " نعم نسيت ! لأن حالته هالتني, "نعم كهل" !! , خرج يسعى لطلب رزقه , واضعا أمامه صندوقا خشبي منتظرا أن يأتي من له حاجة ليلمع حذائه , لعله لا يعلم أن الناس مشغلون عن الشارع فى المقاهي والبيوت لمشاهدة المباراة, طبعا هذا لا يوجد فى خلفية اي قرار يتخذه, هو فقط يركز على قوت يومه .
يقبع متقوقعا فى مكان نوره ضعيف, رائه مكان مناسب ليضع أدوات عمله,فجاءه ربنا الرحيم بعباده !!, دون أن يدرى. جاء رجل مهاب الطلعة و الهيئة , و قد اخرج من حافظته بعض النقود وأعطاه بعض المال ,ذهبت بعيدا أتابع لم يكن يرى أنى الاحظه, و لم أرى إلا وجه قد تغيرت ملامحة فرحًا و راح يُمطر الرجل الكريم بسيل من الدعاء حتى تواري عن ناظريه . لا أظنه خرج ليشحذ او يتسول كما يفعل أناس كثيرون, ولكن ما كان فيه من ضعف و نظرة حزن , كان كافيا أن يحكى عن حاله .
الرجل الشريف, الذى تعود كسب قوته, هذا ما نشأ عليه ,تداعيات ذلك المشهد كسرت صمت ليلة الشتاء الباردة في خيالي و كأنها نار فرن خبز قد جهزها صاحبها للعمل. وأثارت حزن وشجنا في النفس . يُجسد معانة الإنسانية المقهورة و المعذبة و أعلنها واضحة عن تقصيرنا فى حق هؤلاء.
" عيون تكسب قوتها برؤية الناس من أقدامهم "
اكملت طريقي و أنهيت يومي, فى انتظار فجر يوم جديد , وأمل يتجدد.
عمرو حجاج
الاول من ربيع الثانى - ١٤٣٩ هجرى .
ديسمبر - ٢٠١٧
" عيون تكسب قوتها برؤية الناس من أقدامهم "
اكملت طريقي و أنهيت يومي, فى انتظار فجر يوم جديد , وأمل يتجدد.
عمرو حجاج
الاول من ربيع الثانى - ١٤٣٩ هجرى .
ديسمبر - ٢٠١٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق